كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال أبو حيان‏:‏ هذه الواو لعطف حال على حال محذوفة يتضمنها ‏[‏ص 81‏]‏ السابق تقديره أولم على كل حال ولو بشاة ولا تجيء هذه الحال إلا منبهة على ما كان يتوهم أنه ليس مندرجاً تحت عموم الحال المحذوفة‏.‏

- ‏(‏مالك‏)‏ في الموطأ ‏(‏حم ق عد‏)‏ كلهم في النكاح ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك ‏(‏خ عن عبد الرحمن بن عوف‏)‏ وله عدة طرق في الصحيحين والسنن‏.‏

2801 - ‏(‏أولياء اللّه‏)‏ أي الذين يتولونه بالطاعة ويتولاهم بالكرامة ‏(‏الذين إذا رؤوا ذكر اللّه‏)‏ برؤيتهم يعني أن عليهم من اللّه سيما ظاهرة تذكر بذكره فإن رؤوا ذكر الخير برؤيتهم وإن حضروا حضر الذكر معهم وإن نطقوا بالذكر فهم يتقلبون فيه كيفما حلِّوا فمن كان بين يدي ربه وآخرته فإنما يفتتح إذا لقيك بذكره ومن كان أسير نفسه ودنياه فإنما يفتتح إذا لقيك بدنيا فكل يحدثك عما يطلع قلبه فتنبه‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قال‏:‏ سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم من أولياء اللّه‏؟‏ فذكره وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجاً لأشهر من الحكيم ولا أعلى وهو عجب فقد رواه البزار عن ابن عباس رواه عن شيخه علي بن حرب الرازي قال الهيثمي‏:‏ لم أعرفه وبقية رجاله وثقوا انتهى ورواه أبو نعيم في الحلية من حديث ابن أبي وقاص‏.‏

2802 - ‏(‏أول الآيات‏)‏ أي علامات الساعة ‏(‏طلوع الشمس من مغربها‏)‏ ولفظ رواية مسلم من المغرب والآيات إما أمارات دالة على قرب الساعة فأولها بعث نبينا صلى اللّه عليه وسلم أو أمارات متوالية دالة على وقوعها والكلام هنا فيها وجاء في خبر آخر أن أولها ظهور الدجال‏.‏ قال الحليمي‏:‏ وهو الظاهر فأولها الدجال فنزول عيسى عليه الصلاة والسلام فخروج يأجوج ومأجوج لأن الكفار في وقت عيسى عليه الصلاة والسلام يفتنون فمنهم من يقتل ومنهم من يسلم وتضع الحرب أوزارها فلو كانت الشمس طلعت قبل من مغربها لم ينفع اليهود إيمانهم أيام عيسى عليه الصلاة والسلام لأن طلوعها يزيل الخطاب ويرفع التكليف ولو لم ينفعهم لما صار الدين واحداً بإسلام من أسلم منهم قال البيهقي‏:‏ وهو كلام صحيح لو لم يعارض هذا الحديث الصحيح الذي في مسلم إن أول الآيات طلوع الشمس من المغرب‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه فضالة بن جبير وهو ضعيف وأنكر هذا الحديث اهـ‏.‏ وقضية تصرف المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من الستة وهو ذهول شنيع فقد عزاه الديلمي وغيره بل وابن حجر إلى مسلم وأحمد وغيرهما من حديث ابن عمر باللفظ المذكور مع زيادة وخروج الدابة إلى الناس ضحى‏.‏ ‏(‏تتمة‏)‏ أخرج عبد بن حميد في تفسيره عن ابن عمر موقوفاً يبقى الناس بعد طلوع الشمس من مغربها عشرين ومئة سنة قال ابن حجر‏:‏ وسنده جيد‏.‏

2803 - ‏(‏أول الأرض خراباً يسراها ثم يمناها‏)‏ قال الديلمي‏:‏ ويروى أسرع الأرضين‏.‏ قال أبو نعيم‏:‏ متفق عليه في الصحة وروى ابن عبد الحكم عن أبي هريرة كما في حسن المحاضرة وغيرها أن مصر أول الأرض خراباً ثم أرمينية على أثرها وفي مسند الفردوس عن حذيفة مرفوعاً يبدو الخراب في أطراف الأرض حتى تخرب مصر ومصر آمنة من الخراب حتى تخرب البصرة وخراب البصرة من العراق وخراب مصر من جفاف النيل، الحديث، وفي الجفر الكبير للبسطامي خراب البصرة بالريح وخراب المدينة بالجوع وخراب بلخ بالماء والطاعون وخراب ترمذ بالطاعون وخراب مرو بالرمل وخراب اليمن بالجراد وخراب فارس بالقحط وخراب سمرقند ببني قنطوراء وخراب الشام بعدم الغيث وخراب السند بالريح وخراب سنجار بالرمل وخراب الروم ببني الأصفر وانقراض العرب بالضرب والحرب والطاعون وخراب الجبال بالصواعق والرواجف وخراب فرغانة بالزلازل والصيحة وخراب نسف بالجوع وخراب بخارى ‏[‏ص 82‏]‏ بالريح والطاعون وخراب طالقان بالنار وخراب سرخس بالريح والرمل وخراب هداه بالظلام ونيسابور بالريح وهمدان بالبرد والثلج وجرجان بالترك وطبرستان بالفراعنة وأصبهان بالهرج وقسم بالجنون وبغداد بالغرق والخسف والكوفة بالحرق وواسط بريح السموم والبصرة بالأكراد والبحرين بخراب البحر وسجستان بالخسف والنار والشام بالروم وحلوان بالمسيح ومصر من انقطاع النيل ومكة من الحبش وحلب بالأتراك والقدس بالحريق‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن جرير‏)‏ بن عبد اللّه وقضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرَّجاً لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو غفلة فقد رواه الطبراني وأبو نعيم والديلمي وغيرهم باللفظ المزبور عن جابر المذكور‏.‏

2804 - ‏(‏أول العبادة‏)‏ بضم اللام قال أبو البقاء وهي ضمة بناء ‏(‏الصمت‏)‏ أي أول مقام السالكين إلى اللّه تعالى أن لا يشغل أحدهم لسانه بغير ذكر اللّه قال رجل لبعض العارفين‏:‏ أوصني قال‏:‏ اجعل لدينك غلافاً كغلاف المصحف لئلا يدنسه قال‏:‏ وما غلاف الدين‏؟‏ قال‏:‏ ترك الكلام إلا فيما لا بد منه وترك طلب الدنيا إلا ما لا بد منه وترك مخالطة الناس إلا فيما لا بد منه‏.‏

- ‏(‏هناد‏)‏ بن السري التميمي الدارمي الحافظ الزاهد كان يقال له راهب الكوفة لتعبده ‏(‏عن الحسن‏)‏ البصري ‏(‏مرسلاً‏)‏‏.‏

2805 - ‏(‏أول الناس هلاكاً قريش‏)‏ أي القبيلة بأسرها بنحو قتل أو فناء ‏(‏وأول قريش هلاكاً أهل بيتي‏)‏ فهلاكهم من أشراط الساعة وأمارتها الدالة على قرب قيامها‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا أبو يعلى ‏(‏عن عمرو بن العاص‏)‏ وفيه ابن لهيعة ومقسم مولى ابن عباس أورده البخاري في كتاب الضعفاء الكبير وضعفه ابن حزم وغيره‏.‏

2806 - ‏(‏أول الناس فناء‏)‏ بالمد موتاً وانقراضاً ‏(‏قريش وأول قريش فناء بنو هاشم‏)‏ أي والمطلب كما يدل عليه ما قبله أي فيكون انقراضهم من علامات الساعة وأشراطها ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس كما يأتي‏.‏

- ‏(‏حم ع عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص وفيه ابن لهيعة‏.‏

2807 - ‏(‏أول الوقت‏)‏ أي إيقاع الصلاة أول وقتها ‏(‏رضوان اللّه‏)‏ بكسر الراء وضمها بمعنى الرضا وهو خلاف السخط ‏(‏وآخر الوقت عفو اللّه‏)‏ قال الصديق ثم الشافعي‏:‏ رضوانه أحب إلينا من عفوه وفيه دليل للشافعية على ندب تعجيل الصبح وعدم ندب الإسفار الذي قال به الحنفية وفيه أيضاً تعجيل العشاء أول الوقت لخوف الفوت فإن قيل‏:‏ قال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك وتأخير العشاء قلنا‏:‏ محمول على فضيلة صلاة الليل أو على انتظاره الخبر من جلس مجلساً ينتظر الصلاة فهو في صلاة والوقت الزمان المفروض للعمل ولهذا لا يكاد يقال إلا مقدراً نحو وقت كذا ‏{‏إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً‏}‏‏.‏

- ‏(‏قط عن جرير‏)‏ سكت المؤلف عليه فلم يشر إليه بعلامة الضعف وكأنه ذهل عن قول الذهبي في التنقيح في سنده كذاب انتهى وعن قول ابن عبد الهادي عن معين فيه الحسين بن حميد كذاب ابن كذاب وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال لا يصح وقال ابن حجر في سنده من لا يعرف وقال في الباب ابن عمر وابن عباس وعلي وأنس وأبو محذورة وأبو هريرة فحديث ابن عمر رواه الترمذي والدارقطني وفيه يعقوب بن الوليد المدني كان من كبار الكذابين وحديث ابن عباس رواه البيهقي في الخلافيات وفيه نافع أبو هرمز متروك وحديث علي رواه البيهقي عن أهل البيت وقال أظن سنده أصح ما في الباب قال أعني ابن حجر‏:‏ ‏[‏ص 83‏]‏ ومع ذلك هو معلول ولهذا قال الحاكم لا أحفظ الحديث من وجه يصح وحديث أنس خرجه ابن عدي والبيهقي وقد تفرد به بقية عن مجهول مثله وحديث أبي محذورة رواه الدارقطني وفيه إبراهيم بن زكريا متهم وحديث أبي هريرة ذكره البيهقي وقال هو معلول انتهى‏.‏

2808 - ‏(‏أول الوقت رضوان اللّه ووسط الوقت رحمة اللّه‏)‏ أي تفضله وإحسانه ‏(‏وآخر الوقت عفو اللّه‏)‏ أي مغفرته ومحوه لذنب من قصر وأخر الصلاة إلى آخر وقتها بحيث كاد يخرج بعضها عنه وقد أفاد هذا الحديث وما قبله طلب تعجيل الصلاة أول وقتها وحرمة إخراج بعضها عن الوقت‏.‏

- ‏(‏قط عن أبي محذورة‏)‏ الجمحي المؤذن صحابي مشهور اسمه أوس أو سمرة أو سلمة أو سليمان وأبوه معين بكسر الميم وسكون المهملة وفتح التحتية أو عمير‏.‏

2809 - ‏(‏أول بقعة‏)‏ بضم الباء على الأشهر الأكثر فتجمع على بقع كغرفة وغرف وتفتح فتجمع على بقاع ككلبة وكلاب وهي القطعة من الأرض ‏(‏وضعت من الأرض‏)‏ أي من هذه الأرض التي نحن عليها ‏(‏موضع البيت‏)‏ الحرام أي الكعبة فله سر الأولية في المعابد كما قال تعالى ‏{‏إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً‏}‏ وفي رواية لمسلم أول مسجد وضع في الأرض المسجد الحرام ثم الأقصى‏.‏ قال الطيبي‏:‏ لفظ الحديث موافق للفظ الآية والوضع غير والبناء غير ومعنى وضع اللّه جعله متعبداً قال الإمام الرازي‏:‏ دلالة الآية على الأولية في الفضل والشرف أمر لا بد منه لأن المقصود الأولى من ذكر الأولية بيان الفضيلة ترجيحاً له على بيت المقدس ولا تأثير لأوليته في البناء في هذا القصد ‏(‏ثم مدت‏)‏ بالبناء للمجهول أي بسطت ‏(‏منها الأرض‏)‏ من سائر جوانبها فهي وسط الأرض وقطبها ‏(‏وإن أول جبل وضعه اللّه على ظهر الأرض أبو قبيس‏)‏ بمكة وهو معروف ‏(‏ثم مدت منه الجبال‏)‏ واختلف في أول من بنى البيت قيل آدم وقيل شيث وقيل الملائكة قبل آدم ثم رفع في الطوفان فكان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يحجونه ولا يعلمون محله حتى بواه اللّه لإبراهيم عليه الصلاة والسلام فبناه‏.‏

في الروض الأنف‏:‏ أول من بنى المسجد الحرام في الإسلام عمر وذلك أن الناس ضيقوا على الكعبة وألصقوا دورهم بها فقال‏:‏ إنها بيت اللّه ولا بد للبيت من فناء وأنكم دخلتم عليها ولم تدخل عليكم فاشترى الدور وهدمها وبنى المسجد المحيط بها ثم وسعه عثمان وزاد ابن الزبير في إتقانه لا في سعته‏.‏

- ‏(‏هب عن ابن عباس‏)‏ وفيه عبد الرحمن بن علي بن عجلان القرشي قال في الميزان‏:‏ عن العقيلي فيه جهالة وحديثه غير محفوظ ثم ساق له هذا الخبر وفيه أيضاً من لا يعرف‏.‏

2810 - ‏(‏أول تحفة المؤمن‏)‏ أي الكامل الإيمان والتحفة كرطبة ويجوز الضم والسكون وفي القاموس بالضم وكهمزة فظاهره أنها ما أتحفت به غيرك من البر واللطف كما في الصحاح وغيره ‏(‏أن يغفر‏)‏ بالبناء للمفعول أي يغفر اللّه لمن صلى عليه صلاة الجنازة إكراماً له وفي رواية لمن خرج في جنازته إذ من شأن الملك إذا قدم عليه بعض خدمه بعد طول غيبته أن يتلقاه ببشرى وكرامة وأن يخلع عليه ويجيزه بجائزة سنية فإذا قدم العبد على سيده أتحفه بما لا عين ‏[‏ص 84‏]‏ رأت ولا أذن سمعت وأولها المغفرة للمصلين والحاملين لأنهم شيعوه إعظاماً إلى بابه واهتموا بشأنه متقربين بذلك إلى مولاه فجعل المغفرة لهم تحفة له لان حامل الهدية وموصلها لا بد له من جائزة وإذا كان لو أهدي لبعض ملوك الدنيا هدية لم يرض في حقه بانصراف من أحضرها إليه خائباً وقد عد ذلك ازدراءاً بالهدية فما بالك بأكرم الأكرمين‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي ‏(‏عن أنس‏)‏ من حديث معبد بن مسرور العبدي عن الحكم بن سنان بن عون عن النميري والحكم بن سنان قال الذهبي‏:‏ ضعفوه وزياد النميري أورده في الضعفاء وقال صالح‏:‏ الحديث ابتلي برواة ضعفاء ورواه الخطيب عن جابر والديلمي عن أبي هريرة وفيه عنده عبد الرحمن بن قيس رمي بالكذب ولأجله حكم الحاكم على الحديث بالوضع وعده ابن الجوزي من الموضوعات‏.‏

2811 - ‏(‏أول جيش من أمتي يركبون البحر‏)‏ للغزو ‏(‏قد أوجبوا‏)‏ أي فعلوا فعلاً وجبت لهم به الجنة أو أوجبوا لأنفسهم المغفرة والرحمة بذلك والبحر معروف وحقيقته الماء الكثير المجتمع في فسحة سمي به لعمقه واتساعه ويطلق على الملح والعذب والمراد هنا الملح ومعنى ركوبه الاستعلاء على ظهره كما تركب الدابة وهو مجاز إذ الركوب إنما هو على السفن حقيقة فيه فحذف ذلك اتساعاً لدلالة الحال عليه ‏(‏وأول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر‏)‏ ملك الروم يعني القسطنطينية أو المراد مدينته التي كان بها يوم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم ذلك وهي حمص وكانت دار مملكته إذ ذاك ‏(‏مغفور لهم‏)‏ لا يلزم منه كون يزيد بن معاوية مغفوراً له لكونه منهم إذ الغفران مشروط بكون الإنسان من أهل المغفرة ويزيد ليس كذلك لخروجه بدليل خاص ويلزم من الجمود على العموم أن من ارتد ممن غزاها مغفور له وقد أطلق جمع محققون حل لعن يزيد به حتى قال التفتازاني‏:‏ الحق أن رضى يزيد بقتل الحسين وإهانته أهل البيت مما تواتر معناه وإن كان تفاصيله آحاداً فنحن لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه لعنة اللّه عليه وعلى أنصاره وأعوانه‏.‏ قال الزين العراقي‏:‏ وقوله بل في إيمانه أي بل لا يتوقف في عدم إيمانه بقرينة ما قبله وما بعده‏.‏

قال البسطامي في كتاب الجفر‏:‏ القسطنطينية مدينة بناها قسطنطين الملك وهو أوّل من أظهر دين النصرانية ودوّنه وهي مدينة مثلثة الشكل منها جانبان في البحر وجانب في البر ولها سبعة أسوار وسمك سورها الكبير أحد وعشرون ذراعاً وفيه مئة باب وبابها الكبير يسمى باب الذهب وهو باب مموّه بالذهب وفيها منارة من نحاس قد قلبت قطعة واحدة وليس لها باب وفيها منارة قريبة من مارستانها قد ألبست كلها بالنحاس وعليها قبر قسطنطين وهو راكب على فرس وقوائمه محكمة بالرصاص ما عدا يده اليمين فإنها مطلقة في الهواء كأنه سائر وقسطنطين على ظهره ويده موقوفة في الجو وقد فتح كفه يشير نحو بلاد الشام ويده اليسرى فيها كسرة مكتوب عليها ملكت الدنيا حتى بقيت في كفي مثل هذه الكسرة وخرجت منها كما ترى‏.‏

- ‏(‏خ عن أم حرام‏)‏ بحاء وراء مهملتين ‏(‏بنت ملحان‏)‏ بن خالد بن يزيد ابن حرام الأنصارية النجارية خالة أنس وزوجة عبادة بن الصامت يقال لها العميصاء والرميصاء لها مناقب وكان أهل الشام يستسقون بها‏.‏

2812 - ‏(‏أول خصمين يوم القيامة جاران‏)‏ لم يحسن أحدهما جوار صاحبه ولم يف له بحقه، ومقصود الحديث الحث على كف الأذى عن الجار وإن جار وأنه تعالى يهتم بشأنه وينتقم للجار المظلوم من الظالم ويفصل القضاء بينهما وإلا فمن شعائر الإيمان الكف عن أذى الجيران وعدم منازعتهم ومعارضتهم فيما يصدر منهم وعنهم من الأضرار وسوء ‏[‏ص 85‏]‏ العشرة والجوار ويجب أن تعلم أن ذلك ليس إلا بتسليط اللّه إياهم عليك لما تستوجبه أفعالك الذميمة وما يعفو اللّه أكثر فالحذر من المنازعة الحذر قال العارف ابن عربي‏:‏ يا أيها المجادل كم ذا تتعنى ما ذاك إلا لخوفك من العدد وهذا لا يبطل حقيقة الواحد الأحد ولو علمت أن العدد هو الأحد ما شرعت في منازعة أحد‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا أحمد ‏(‏عن عقبة بن عامر‏)‏ قال العراقي‏:‏ سنده ضعيف وقال المنذري رواه أحمد والطبراني بإسنادين أحدهما جيد وقال الهيثمي‏:‏ أحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح غير أبي نسافة وهو ثقة وأعاده بمحل آخر وقال‏:‏ إسناده حسن‏.‏

2813 - ‏(‏أول زمرة‏)‏ بضم الزاي طائفة أو جماعة والزمر الأفواج المتفرقة بعضها إثر بعض ‏(‏تدخل الجنة على صورة القمر‏)‏ أي على صورة مثل صورة القمر ‏(‏ليلة البدر‏)‏ ليلة تمامه وكماله في الحسن والإضاءة ‏(‏والثانية‏)‏ أي التي تدخل عقبهم تكون ‏(‏على لون أحسن كوكب دري‏)‏ بضم الدال وكسرها وراء وياء مشدّدتين أي مضيء متلألئ كالزهرة في صفائها وزهرتها منسوب إلى الدر أو فعيل من الدرء بالهمزة فإنه يدفع الظلام بضوئه ‏(‏في السماء‏)‏ قال المحقق أبو زرعة‏:‏ ورد في هذا المعنى ما يقتضي ما هو أبلغ من صورة القمر فروى الترمذي مرفوعاً لو أن رجلاً من أهل الجنة اطلع فبدت أساوره لطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم وقد يقال إنهم يكونون على صورة القمر عند دخولهم الجنة ثم يزداد إشراق نورهم فيها بدليل قوله لو أن رجلاً إلخ أو يقال المذكور هنا إشراق وجوههم من غير حلي والمذكور ثم إشراق حليهم بدليل قوله فبدت أساوره فالزيادة للحلي لا للوجود ‏(‏لكل رجل منهم زوجتان‏)‏ في رواية اثنتان لتأكيد التكثير‏.‏ قال الطيبي‏:‏ ثناه للتكثير نحو ‏{‏ارجع البصر كرتين‏}‏ لا للتحديد لخبر أدنى أهل الجنة الذي له ثنتان وسبعون زوجة فاعترض بأن تأكيد المثنى باثنتين ورجع ضمير التثنية إليه يدل على أن القصد معنى الإثنينية فلا يبعد أن يكون لكل زوجتان موصوفتين أن ‏(‏على كل زوجة‏)‏ منهما ‏(‏سبعون حلة‏)‏ يعني حلل كثيرة جداً فالعدد للتكثير لا للتحديد كنظائره بحيث ‏(‏يبدو مخ ساقها من ورائها‏)‏ زاد الطبراني كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء وهو كناية عن غاية لطافتهما ويكون له سبعون لسن بهذا الوصف ثم إن هذا اللفظ محتمل لكونهما من نساء الدنيا أو الحور ويؤيد الأول خبر أبي يعلى فيدخل الرجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ اللّه واثنتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ اللّه بعبادتهما وبعده فلا تعارض بين ذا وخبر أقل ساكني الجنة النساء لأنهن في الجنة باعتبار الحور وأقل ساكنيها نساء الدنيا فنساء الدنيا أقل أهل الجنة وأكثر أهل النار كما شهدت به الأخبار‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ وكذا الطبراني في الأوسط ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري وكذا ابن مسعود قال الترمذي‏:‏ حسن صحيح قال الهيثمي‏:‏ إسناد ابن مسعود صحيح وفي إسناد أبي سعيد عطية والأكثر على ضعفه ثم إن صنيع المصنف يوهم أن ذا لم يتعرض أحد من الشيخين لتخريجه وهو ذهول فقد عزاه الديلمي وغيره إلى البخاري من حديث أبي هريرة بلفظ أول زمرة تدخل الجنة وجوههم على مثل القمر ليلة البدر والثانية على مثل أضوأ كوكب في السماء لكل رجل منهم زوجتان يرى مخ ساقيهما من وراء الثياب وما في الجنة عزب اهـ ثم رأيته كذلك في كتاب الأنبياء وخلق آدم عليه السلام وفي مسلم في صفة الجنة عدة أحاديث بنحوه وليس في حديث الترمذي الذي آثره المصنف إلا زيادة عدد الحلل وفي رواية البخاري زيادة نفي وجود الأعزب فيها‏.‏

‏[‏ص 86‏]‏ 2814 - ‏(‏أول سابق إلى الجنة‏)‏ أي إلى دخولها ‏(‏عبد‏)‏ يعني قنٌّ ذكراً كان أو أنثى أو خنثى ‏(‏أطاع اللّه‏)‏ بأن امتثل أوامره وتجنب نواهيه ‏(‏وأطاع مواليه‏)‏ أو قال سيده شك راويه أبو صيفي وذلك لأن له أجرين كما مر في عدة أخبار فاستحق بذلك السبق إلى دار القرار والمراد أنه أول سابق بعد من مرّ أنه أول داخل‏.‏

قال الرضي‏:‏ مذهب البصريين أن أول أفعل ثم اختلفوا على ثلاثة أقوال جمهورهم على أنه من تركيب دول كددن ولم يستعمل هذا التركيب إلا في أول ومتصرفاتها‏.‏

- ‏(‏طس خط عن أبي هريرة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه بشر بن ميمون أبو صيفي وهو متروك وقال غيره وفيه بشر بن ميمون أبو صيفي قال في الميزان‏:‏ عن البخاري يتهم بالوضع وعن الدارقطني متروك الحديث وعن ابن معين أجمعوا على طرح حديثه ثم أورد له مما أنكر عليه هذا الخبر‏.‏

2815 - ‏(‏أول شهر رمضان رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار‏)‏ أي في أوله يصب اللّه الرحمة على الصائمين صباً ويسح عليهم البركة سحاً وفي وسطه يغفر اللّه لصوامه وفي آخره يعني في آخر ليلة منه كما ورد في خبر يعتق جمعاً حافلاً عظيماً من النار كانوا قد استوجبوها وهذا تنبيه عظيم بفضل صوامه‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر ‏(‏في فضل رمضان‏)‏ أي في كتاب فضائل رمضان ‏(‏خط وابن عساكر‏)‏ في التاريخ كلهم ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً الديلمي وغيره‏.‏

2816 - ‏(‏أول شيء يحشر الناس نار تحشرهم‏)‏ من المشرق إلى المغرب أي تخرج من جهة المشرق فتسوقهم إلى جهة المغرب فذلك أول الحشر والحشر الجمع مع سوق وفي وراية أول أشراط الساعة نار تحشر الناس إلخ قال القاضي‏:‏ لعله لم يرد به أول الأشراط مطلقاً بل الأشراط المتصلة بالساعة الدالة على أنها تقوم عما قريب أو أراد بالنار نار الحرب والفتن كفتنة الترك فإنها سارت من المشرق إلى المغرب‏.‏

- ‏(‏الطيالسي‏)‏ أبو داود ‏(‏عن أنس‏)‏ ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يتعرّض الشيخان ولا أحدهما لتخريجه وإلا لما أبعد النجعة بالعزو للطيالسي وهو ذهول شنيع فقد عزاه الديلمي وغيره إلى البخاري ومسلم وكذا أحمد ولفظهم أول من يحشر الناس نار تجيء من قبل المشرق فتحشر الناس إلى المغرب‏.‏

2817 - ‏(‏أول شيء‏)‏ أي أول مأكول ‏(‏يأكله أهل الجنة‏)‏ في الجنة إذا دخلوها ‏(‏زيادة كبد الحوت‏)‏- وحكمة اختصاصها بأولية الأكل أنها أبرد شيء في الحوت فبأكلها تزول الحرارة الحاصلة لهم في الموقف- وهي القطعة المنفردة عن الكبد المتعلقة به وهي أطيب الكبد وألذه وفي رواية من زائدة كبد الثور أي ثور الجنة وحكمة خصوصية أكلهم منهما أنهما أساس الدنيا لأنها مركبة على متن ثور والثور على ظهر حوت والحوت في الماء ولا يعلم ما تحت الماء إلا الذي خلقه فالأكل منهما إشارة إلى خراب الدنيا وبشارة بفساد أساسها وأمن العود إليها وخص الأكل بالزائدة لما بينه الأطباء أن العلة إذا وقعت في الكبد دون الزائدة رجى برؤه وإن وقعت في الزائدة هلك العليل لا محالة فأكلهم من الزائدة أدخل في البشرى أفاده ابن جماعة ثم هذه الأولية لا تدافع بينها وبين خبر إذا سكن ‏[‏ص 87‏]‏ أحدكم الجنة أتاكم ملك فيقول إن اللّه يأمركم أن تزوروه إلى أن قال ثم توضع مائدة الخلد، الحديث ما ذاك إلا لأنه لا مانع من أن زيادة الكبد توضع قبل تلك المائدة وأن هذا جار على المألوف في الدنيا من أنه بمجرد الذبح يعجل بالكبد فتشوى فيأكلها الحاضرون حتى ينضج الطعام بعد‏.‏

- ‏(‏الطيالسي‏)‏ أبو داود ‏(‏عن أنس‏)‏ قال‏:‏ جاءت اليهود إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالوا‏:‏ أخبرنا ما أول ما يأكل أهل الجنة إذا دخلوها فذكره وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجاً لأحد من المشاهير المكثرين الذين وضع لهم الرموز وهو عجيب فقد خرجه الطبراني باللفظ المزبور قال الهيثمي‏:‏ ورجاله رجال الصحيح غير إسماعيل بن بهرام وهو ثقة بل رواه سلطان الفن البخاري بلفظ أول طعام يأكله أهل الجنة زيادة كبد حوت يأكل منه سبعون ألفاً انتهى فعدول المصنف للطيالسي واقتصاره عليه تقصير عجيب‏.‏

2818 - ‏(‏أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة‏)‏ أي المفروضة وهي الخمس لأنها أول ما فرض عليه بعد الإيمان وهي علم الإيمان وراية الإسلام ‏(‏فإن صلحت‏)‏ بأن كان قد صلاها متوفرة الشروط والأركان وشملها القبول ‏(‏صلح له سائر عمله‏)‏ يعني سومح له في جميع أعماله ولم يضايق في شيء منها في جنب ما واظب من إدامة الصلاة التي هي علم الدين ‏(‏وإن فسدت‏)‏ أن لم تكن كذلك ‏(‏فسد سائر عمله‏)‏-وهذا مخرج مخرج الزجر والتحذير من التفريط فيها، واعلم أن من أهمّ أو أهمّ ما يتعين رعايته في الصلاة الخشوع فإنه روحها ولهذا عدّه الغزالي شرطاً وذلك لأن الصلاة صلة بين العبد وربه وما كان كذلك فحق العبد أن يكون خاشعاً فيه لصولة الربوبية على العبودية- أي ضويق فيه واستقصى فحكم بفساده وأخذ منه الأئمة أن حكمة مشروعية الرواتب قبل الفرائض وبعدها تكميلها بها إن عرض نقص قال الطيبي‏:‏ الصلاح كون الشيء على حالة استقامته وكماله والفساد ضد ذلك وذلك لأن الصلاة بمنزلة القلب من الإنسان فإذا صلحت صلحت الأعمال كلها وإذا فسدت فسدت‏.‏

- ‏(‏طس والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن أنس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه القاسم بن عثمان قال البخاري‏:‏ له أحاديث لا يتابع عليها وقال ابن حبان‏:‏ هو ثقة وربما أخطأ وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف عندهم وهو ذهول فقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة مع تغيير يسير ولفظه يعني الترمذي إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر انتهى‏.‏ فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب تبارك وتعالى انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على مثل ذلك‏.‏

2819 - ‏(‏أول ما يرفع من الناس‏)‏ -والأولية نسبية إذ رفع القرآن يسبقها- في رواية من هذه الأمة ‏(‏الأمانة‏)‏ قال ابن العربي‏:‏ وهي أي هنا معنى يحصل في القلب فيأمن به المرء من الردى في الآخرة والدنيا وأصله الإيمان ‏(‏وآخر ما يبقى من دينهم الصلاة‏)‏ كلما ضعف الإيمان بحب الدنيا ونقص نوره بالمعاصي والشهوات وذهبت هيبة سلطانه من القلوب اضمحلت الأمانة وإذا ضعفت الأمانة وخانت الرعية فيها فأخرت الصلاة عن أوقاتها وقصر في إكمالها أدى ذلك إلى ارتفاع أصلها ‏(‏ورب مصل‏)‏ آت بصورة الصلاة ‏(‏لا خلاق له عند اللّه‏)‏ أي لا نصيب له عنده ‏[‏ص 88‏]‏ من قبولها والإثابة عليها وفي رواية ورب مصل لا خير فيه أي لكونه غافلاً لاهي القلب وليس للمرء من صلاته إلا ما عقل كما في حديث آخر وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏وأقم الصلاة لذكري‏}‏ فظاهر الأمر الوجوب والغفلة ضده فمن غفل في جميع صلاته لا يكون مقيماً للصلاة لذكره تعالى فلا خلاق له عنده فافهم وقد روى ابن المبارك في الزهد عن عمار بن ياسر يكتب للرجل من صلاته ما سها عنه‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي ‏(‏عن زيد بن ثابت‏)‏ قال في اللسان عن العقيلي‏:‏ حديث فيه نكارة ولا يروى من وجه يثبت وقال الأسدي‏:‏ سلام بن واقد أي أحد رواته منكر الحديث انتهى وقضية تصرف المصنف أنه لم يره مخرجاً لأحد المشاهير الذين رمز لهم والأمر بخلافه فقد خرجه البيهقي في الشعب من حديث ابن عمر وغيره وخرجه الطبراني في الصغير من حديث عمر‏.‏

2820 - ‏(‏أول ما تفقدون من دينكم الأمانة‏)‏ وتمامه عند مخرجه الطبراني في روايته عن أنس ولا دين لمن لا أمانة له ولا أمانة لمن لا عهد له وحسن العهد من الإيمان انتهى وفي رواية أول شيء يفقد من أمتي الأمانة من دينهم قال ابن العربي‏:‏ وصفة رفع الأمانة وفقدها أن ينام الإنسان فتقبض من قلبه والمعنى فيه أن المرء في النوم متوفي ثم مرجوع إليه روحه فإذا قبضت على صفة من الأمانة ردت إليه بدونها وتحقيقه أن الأعمال لا يزال يضعفها نسيانها حتى إذا تناهى الضعف ذهبت بالنوم عن النفس فإذا ردت عليه ردت دونها فلا يبقى لها أثر وما عنده من الإيمان وأصل الإعتقاد الضعيف في ظاهر القلب ثم ينام فلا ترجع إليه إلا بعد نزع باقي الأمانة بقوة فلا يبقى شيء‏.‏

- ‏(‏طب عن شداد بن أوس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه المهلب بن العلاء لم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات‏.‏

2821 - ‏(‏أول ما يرفع من الناس الخشوع‏)‏ أي خشوع الإيمان الذي هو روح العبادة وهو الخوف أو السكون أو معنى يقوم في النفس يظهر عنه سكون الأطراف يلائم مقصوده العبادة قالت عائشة‏:‏ كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يحدثنا ونحدثه فإذا حضرت الصلاة فكأنه لم يعرفنا ولم نعرفه، وخرج بخشوع الإيمان خشوع النفاق والفرق بينهما أن الأول خشوع القلب للّه بالإجلال والوقار والمهابة والحياء والثاني يبدو على الجوارح تصنعاً وتكلفاً والقلب غير خاشع‏.‏

- ‏(‏طب عن شداد بن أوس‏)‏ قال الزين العراقي في شرح الترمذي وتبعه الهيثمي‏:‏ فيه عمران القطان ضعفه ابن معين والنسائي ووثقه أحمد‏.‏

2822 - ‏(‏أول شيء يرفع من هذه الأمة‏)‏ المحمدية ‏(‏الخشوع حتى لا ترى فيها خاشعاً‏)‏ خشوع إيمان بل خشوع تماوت ونفاق فيصير الواحد منهم ساكن الجوارح تصنعاً ورياء ونفسه في الباطن شابة طرية ذات شهوات وإرادات فهو يتخشع في الظاهر وأسد الغابة رابض بين جنبيه ينتظر الفريسة وقال الراغب‏:‏ قال رجل للحسن البصري‏:‏ أمؤمن أنت قال‏:‏ إن كنت تريد قول اللّه تعالى ‏{‏آمنا باللّه وما أنزل إلينا‏}‏ فنعم به نتناكح ونتوارث وإن أردت قوله ‏{‏إنما المؤمنون الذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم‏}‏ فلا أدري‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي الدرداء‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ سنده حسن انتهى وظاهر اقتصار المصنف على عزوه للطبراني أنه لا يوجد مخرجاً لأحد أعلى ولا أولى بالعزو وهو قصور فقد خرجه الإمام أحمد في المسند من حديث عوف بن مالك ولفظه أول ما يرفع من هذه الأمة الأمانة والخشوع حتى لا يكاد يرى خاشعاً وليكونن أقوام يتخشعون وهم ذئاب ضواري انتهى بحروفه‏.‏

2823 - ‏(‏أول‏)‏ في رواية أثقل ‏(‏ما يوضع في الميزان‏)‏ من أعمال البر ‏(‏الخلق الحسن‏)‏ لجمعه جميع الخيرات وبه ينشرح الصدر ‏[‏ص 89‏]‏ للعبادات وتسخو النفس في الدنيا في المعاملات ذكر الغزالي له تتمة وهي السخاء قال الجنيد‏:‏ أربع ترفع العبد إلى أعلا الدرجات وإن قل علمه، الحلم والتواضع والسخاء وحسن الخلق‏.‏ قال الغزالي‏:‏ وحسن الخلق يرجع إلى اعتدال قوة العقل بكمال الحكم والى اعتدال قوة الغضب والشهوة وهذا الاعتدال يحصل على وجهين أحدهما بجود إلهي وكمال نظري بحيث يخلق الإنسان كامل العقل حسن الخلق قد كفي سلطان الغضب والشهوة فيصير بغير معلم عالماً وبغير مؤدب متأدباً والثاني اكتسابه بالمجاهدة والرياضة‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ والقضاعي والديلمي ‏(‏عن أم الدرداء‏)‏ خيرة بنت أبي حدرد الأسلمي نزلت الشام وماتت في إمرة عثمان ومن العجب قول الحافظ الزين العراقي في المغني لم أقف لحديث أول ما يوضع إلخ على أصل‏.‏

2824 - ‏(‏أول ما يوضع في الميزان نفقة الرجل على أهله‏)‏ أي على من تلزمه مؤونته من نحو زوجة ووالد وولد وخادم وغيرها والأوّلية في هذا الخبر وما قبله على معنى من‏.‏ خص الرجل لأنه الذي تلزمه النفقة غالباً لا لإخراج غيره فأول ما يوضع في ميزان الأنثى والخنثى نفقتهما على من تلزمهما نفقته من أصل وفرع وخادم ونحوها‏.‏

- ‏(‏طس عن جابر‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ وفيه من لم أعرفه وقال المنذري‏:‏ حديث ضعيف وقال غيره‏:‏ فيه عبد الحميد بن الحسن الهلالي أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ ضعفه أبو زرعة والدارقطني‏.‏

2825 - ‏(‏أول‏)‏ بالرفع مبتدأ ‏(‏ما يقضى‏)‏ بضم أوله وفتح الضاد المعجمة مبنياً للمفعول في محل الصفة وما نكرة موصوفة والعائد الضمير في يقضى أي أول قضاء يقضى ‏(‏بين الناس يوم القيامة في الدماء‏)‏ وفي رواية بالدماء أي أول ما يحكم اللّه تعالى بين الناس يوم القيامة في متعلقات الدماء أو أول القضايا القضاء في الدماء أو أول ما يقضى فيه الأمر الكائن في الدماء وذلك لعظم مفسدة سفكها ولا يناقضه خبر أول ما يحاسب به العبد الصلاة لأن ذلك في حق الحق وذا في حق الخلق أي أن أول بمعنى من أول، أو أول ما يحاسب به من الفرائض البدنية الصلاة ثم أول ما يحكم فيه من المظالم الدماء قال الحافظ العراقي‏:‏ وظاهر الأخبار أن الذي يقع أولاً المحاسبة على حق اللّه تعالى وفي حديث الصور الطويل أول ما يقضى بين الناس في الدماء ويأتي كل قتيل قد حمل رأسه فيقول‏:‏ يا رب سل هذا لم قتلني‏.‏

- ‏(‏حم ق ن ه عن ابن مسعود‏)‏ ظاهره أنه لم يروه من الستة إلا هؤلاء الأربعة وليس كذلك بل رواه الكل إلا أبا داود والبخاري والترمذي وابن ماجه في الديات ومسلم في الحدود والنسائي في المحارم‏.‏

2826 - ‏(‏أول ما يحاسب به العبد‏)‏ أي الإنسان حراً كان أو عبداً ذكراً أو أنثى ‏(‏الصلاة‏)‏ لأنها أم العبادات وأول الواجبات بعد الإيمان ‏(‏وأول ما يقضى بين الناس في الدماء‏)‏ لأنها أكبر الكبائر بعد الشرك والبداءة بها تدل على أهميتها وعظم مفسدة القتل فإنه هدم البنية الإنسانية التي بنتها القدرة الإلهية فليس بعد الكفر ذنب أعظم من القتل وما في هذا الحديث موصولة وهو موصول حرفي ويتعلق الجار بمحذوف أي أول القضاء يوم القيامة القضاء في ذلك وقد استدل بهذا الخبر وما قبله على أن القضاء يختص بالناس ولا دخل للبهائم فيه وهو غلط لأن مفاده حصر الأوّلية في القضاء بين الناس وليس فيه نفي القضاء بين البهائم بعد القضاء بين الناس‏.‏

- ‏(‏ن عن ابن مسعود‏)‏ عبد اللّه‏.‏

2827 - ‏(‏أول ما يرفع من هذه الأمة‏)‏ الإسلامية ‏(‏الحياء والأمانة‏)‏ تمامه كما في الفردوس فسلوهما اللّه عز وجل ‏[‏ص 90‏]‏ الحياء خير كله فبزواله يحل الشر كله وبزوال الأمانة تحل الخيانة ثم يحتمل أن المراد الأمانة المتعارفة التي هي ضد الخيانة أو الصلاة‏.‏

- ‏(‏القضاعي‏)‏ في مسند الشهاب وكذا أبو يعلى وأبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وفيه كما قال الهيثمي أشعث بن نزار وهو متروك فقول العامري حسن غير حسن‏.‏

2828 - ‏(‏أول ما نهاني عنه ربي بعد عبادة الأوثان‏)‏ أي الأصنام ‏(‏شرب الخمر‏)‏ قال القضاعي‏:‏ وذلك من أوّل ما بعث من قبل أن تحرم على الناس بنحو عشرين سنة فلم يبح له قط، وقوله بعد عبادة الأوثان لا يقتضي أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم عبدها، حاشاه حاشاه من ذلك إذ الأنبياء معصومون ‏(‏وملاحاة الرجال‏)‏ أي مقاولتهم ومخاصمتهم ومنازعتهم ومناظرتهم بقصد الاستعلاء فتلك الملاحاة هي السم الناقع ولم يكن السلف يتناظرون على ذلك بل لقصد تحقيق الحق لوجه اللّه تعالى قال الشافعي‏:‏ ما ناظرت أحداً وأحببت أن يخطئ بل أن يوفق ويسدد ويعان ويكون عليه من اللّه رعاية وحفظ وما كلمت أحداً قط وأنا أبالي أن يظهر الحق على لساني أو لسانه وعن علي‏:‏ إياكم وملاحاة الرجال فإنهم لا يخلون من عاقل يمكر بكم أو جاهل يعجل لكم بما ليس فيكم واعلموا أن الكلام ذكر والجواب أنثى فإذا اجتمعا فلا بد من إنتاج‏.‏